اتحاد قبائل سيناء

كمال عامر: مصر جاهدت لاسترداد أرضها بالحرب والسلام..

alt=

قال اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى في مجلس النواب، إن اشتراكه في ملحمة انتصارات أكتوبر هو وسام فخر على صدره، مضيفًا أنه لن ينسى أبدًا صيحة «الله أكبر» التى انطلقت من حناجر الجنود ساعة الصفر، من دون ترتيب أو اتفاق مسبق، وأنه لن ينسى أيضًا أن كثيرًا من الجنود المسيحيين لم يفطروا في ذلك اليوم، الذى تزامن مع العاشر من رمضان، من أجل مشاركة إخوانهم المسلمين مشاعرهم.

 

وأضاف «عامر»، في حوار لـ«البوابة نيوز»، أن الجيش المصرى يخوض الآن حربًا شرسة ضد ميليشيات مسلحة مدعومة بغطاء عسكرى ولوجستى من دول، مثل قطر وتركيا وإيران، مشيرًا إلى أنه لولا وقوف الشعب المصرى خلف مؤسسات الدولة، خاصة الجيش والشرطة لتحولت مصر إلى دولة فاشلة، وتحققت أمنية أعدائها، أن نصبح مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن.
■ ما الشيء الذى تتذكره في ذكرى نصر أكتوبر حتى الآن؟
– لم أنس صيحة «الله أكبر» التى انطلقت بتلقائية من دون ترتيب أثناء قتالنا مع جنود العدو، بجانب رفض جميع الجنود وضباط القوات المسلحة من مسلمين ومسيحيين الإفطار في نهار العاشر من رمضان، كما لا أنسى مشهدًا لجندى من المشاة، يواجه دبابة للعدو بإمكانيات أقل كثيرًا من معدات الجنود الإسرائيليين التى كانت مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت.
كما أن حرب أكتوبر كانت ملحمة ولم أبالغ والدليل على ذلك حديث رئيسة وزراء إسرائيل وقتها، «جولدا مائير» ووصفها الرئيس الراحل أنور السادات بـ«شيخ الدهاء وثعلب الخداع الاستراتيجى العظيم»، إضافة إلى أن التوقيت الصعب الذى شهدته مصر بعد نكسة سكنت في قلوبنا مثل الطعنة، والحقيقة أن العبور هو ثمرة جهد طويل، لم يبدأ بالرئيس السادات، بل منذ حرب الاستنزاف.
■ قرأت لك تصريحًا بأن لك ذكريات خاصة في موقع «عيون موسى» فهل تكشف عن شيء منها؟
– بعد أن توليت قيادة الجيش الميدانى الثالث، وجدنا أن نقطة «عيون موسى» تعرضت للردم تحت الرمال، وكلفنى وزير الدفاع وقتها المشير محمد حسين طنطاوي، بتطهير الموقع، وتم تحويله إلى متحف مفتوح، ومزار سياحي، يوثق المعركة، ويروى بطولة الجنود والضباط في استعادة هذا الموقع المهم.
■ يبدو السؤال مكررًا، لكنه لا يفقد بريقه.. ما أبرز دروس العبور بوصفك واحدًا من أبطاله؟
– وقفة الشعب خلف جيشه، كانت درسًا قدمه المصريون للعالم، وثقة المصريين في قيادتهم السياسية.
كان الشعب ظهرنا الذى نستند عليه، ونحن على الجبهة، وهذا شحذ الهمم، فكان كل جندي، وكل ضابط، وكل قائد بالجيش، مستعدًا لبذل روحه في سبيل الوطن، راضيًا مرضيًا، فالكل واحد والعدو واحد.
أستطيع أن ألخص الملحمة في كلمات، هى ملحمة التخطيط الجيد للقيادة السياسية والعسكرية، والتلاحم بين الشعب وقواته المسلحة، والإرادة الصادقة في محو النكسة وآثارها، هذه العوامل، أو فلنقل مصادر القوة أسفرت في النهاية عن صناعة النصر، الذى نحتفل اليوم به.
حيث أظهرت النكسة معدن المصريين الأصيل، فالفقراء كانوا يتبرعون للجيش، والرئيس عبدالناصر رفع شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، وقواتنا المسلحة الباسلة جعلت التحرير هدفًا لا جدال فيه، وسعت إلى النصر بكل ما في وسعها من جهد، وهذا ليس غريبًا على الجيش المصرى العظيم، الذى يربى أبناءه على حب البلد، والتضحية بكل غال فداء لتراب مصر.
■كيف استقبلت قرار العبور وسط الحرب النفسية التى شنها العدو ومزاعمه باستحالة عبور «خط بارليف»؟
– كنت مستبشرًا بأن نصر الله قريب، فقد شهدت التدريبات المكثفة، واطلعت على حجم الاستعداد، والعمل المضنى الذى بذله الجيش استعدادًا للحظة الثأر، وكان العدو يطنطن بأن مصر لن تستطيع هدم الساتر الترابى بغير قنبلة ذرية، فإذا بسلاح المهندسين يحطم أسطورته بالضخ المائي، بالفعل كانت لدينا قنبلة ذرية، وهى المواطن المصرى.
كما أن نصر أكتوبر غيّر العديد من السياسات تجاه مصر حتى الآن، حيث أصبح العالم يعى جيدًا حجم مصر الحقيقي، وما قيمتها، ويدرك يقينًا أنها كالمارد إذا خرج من القمقم لا يوقفه شيء
■ ماذا عن موقف الدول العربية في ذلك الوقت؟
– مساعدات الدول العربية لم تنته حتى بعد انتهاء الحرب، حيث قامت ١١ دولة بتقديم المساعدات العسكرية أو المادية، فعلى سبيل المثال كان الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس الإمارات السابق، أول حاكم عربى يعلن تبرع بلاده بمائة مليون جنيه إسترلينى للمعارك على الجبهتين المصرية والسورية، ولم تكن لديه وقتها الأموال، فجمع رجال البنوك والمال في لندن، واستدان منهم المبلغ بضمان البترول، وعندما سئل عن قيمة هذا الدعم قال: «إن الثروة لا معنى لها بدون حرية أو كرامة، وإن على الأمة العربية، وهى تواجه منعطفًا خطيرًا أن تختار بين البقاء والفناء، بين أن تكون أو لا تكون، بين أن تنكس أعلامها إلى الأبد، أو أن تعيش أبية عزيزة».
■ كيف يرى جيل حرب أكتوبر العملية التنموية الآن في سيناء؟
– مصر جاهدت لاسترداد أرضها، بالحرب وبالسلام أى بمباحثات استغرقت نحو ٢٥ عامًا، من بعد النكسة، وحتى رفع العلم المصرى على طابا عام ١٩٨٢.
وعقب تحرير سيناء تم تنفيذ العشرات من المشروعات مثل إنشاء نفق الشهيد أحمد حمدى، وتوصيل المياه لشمال وجنوب سيناء، وإنشاء مدينة السلام «شرم الشيخ»، ووضعت الدولة خطة للتنمية من ١٩٩٦ على أن تنتهى في عام ٢٠١٧، خصصت لها ١٠٥ مليارات جنيه، تم بواقع ٦٥ مليارًا لمحافظة شمال سيناء، و٤٠ مليارًا لجنوب سيناء، ولكن تعثرت تلك الخطة باندلاع ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١.
أما الآن فأرى فالرئيس عبدالفتاح السيسي، أنجز العديد من المشروعات لإعادة تنمية سيناء مثل الانتهاء من إنشاء ١٢ مأخذ مياه من البحر، عبارة عن محطة رفع كبيرة تغذى خطوطًا ضخمة بتكلفة إجمالية مليار جنيه، والمأخذ الواحد يغذى من ٥ آلاف إلى ٢٥ ألف فدان، بتكلفة ٣٠ إلى ٣٠٠ مليون جنيه، بجانب إنشاء التجمعات العمرانية الجديدة في قلب سيناء، ويجرى حاليًا تنفيذ مدينة شرق بورسعيد الجديدة، ويتم تنفيذ المرحلة الأولى منها، وتشمل ٤٣٤٠ وحدة بالإسكان الاجتماعي، وتنفيذ مدينة الإسماعيلية الجديدة لاستيعاب ٢٥٠ ألف نسمة، ومدينة رفح الجديدة لاستيعاب ١٥٠ ألف نسمة، ومن المقرر إنشاء مدينة بئر العبد الجديدة.
بالإضافة إلى إنشاء جامعة الملك سلمان على مساحة ٣٠٠ فدان، ومن المقرر افتتاحها في أكتوبر من العام المقبل، بجانب إنشاء العديد من مصانع الأسمنت، وإنشاء ٤ أنفاق جديدة، فضلًا عن تطوير ورفع كفاءة مطار شرم الشيخ الدولى، وغيرها من المشاريع التنموية التى ستساهم في إعادة تنمية أرض الفيروز.
■ في رأيك.. هل تجاهلت الحكومات السابقة تنمية وتعمير سيناء؟
– منذ تحرير سيناء عام ١٩٨٢ لم تتوقف مصر عن تنميتها، حيث تم إنفاق نحو ٥٢ مليار جنيه بالإضافة إلى مساهمات القطاع الخاص، وأنا على يقين أن سيناء في عهد الرئيس السيسي سيكون لها شأن كبير، وستسهم في دفع الاقتصاد المصرى إلى الأمام، وما تفعله الدولة المصرية الآن، أشبه ما يكون بتسوية الأرض وتمهيدها استعدادًا لزراعتها، ومن ثم حصادها، حيث إن المرحلة الراهنة هى مرحلة تطهير أرض الفيروز من الإرهاب، وبعدها سنحصد لا محالة ثمار التنمية.
■ كيف ترى جهود القوات المسلحة في مجابهة الإرهاب بعد مرور ٤٦ عامًا على طرد العدو الإسرائيلى من سيناء؟
– الجيش المصرى يخوض حربًا شرسة ضد ميليشيات مسلحة مدعومة بغطاء عسكرى ولوجستى من دول، مثل قطر وتركيا وإيران، وكانت السنة التى تولى فيها محمد مرسى حكم مصر سنة سوداء على الأمن في سيناء، ولولا وقوف الشعب المصرى خلف مؤسسات الدولة، خاصة الجيش والشرطة لتحولت مصر إلى دولة فاشلة، وتحققت أمنية أعدائها، أن نصبح مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن.
■ وماذا عن دور الإعلام في مواجهة الإرهاب؟
– الإعلام من العناصر المؤثرة جدًا، وله دور مهم في المعركة ضد الإرهاب، ومن ثم لا بد أن يكون القائمون عليه على قدر كبير من الثقافة والوعى الكامل والانتماء للوطن، والمشكلة أن هناك قصورًا لدى البعض، سببه عدم الإلمام بالتفاصيل بعمق، لذلك يجب الاهتمام بالجوانب التخصصية وللأسف بعض الإعلاميين يركزون على السلبيات.
أنا لا أشكك في وطنية أحد، لكن على الإعلامي، قبل الحديث عن أى موضوع، أن يدرسه من كل جوانبه، وأتمنى أن يؤدى الإعلام دوره على النحو الذى يساعد في بناء مصر، انطلاقًا من الإدراك بأن الدولة في حالة حرب، وأنه جزء من أسلحة المواجهة فهو يدافع عن بلده بالكلمة والصورة مثلما يفعل الجندي.
■ ما أبرز المواقف التى جمعتك بالرئيس السيسي؟
– أنا أعرف الرئيس منذ كنت قائدًا لقوات السلوم، وكان برتبة رائد، ولكن أعرفه مخلصًا وطنيًا مفكرًا صاحب قرار، وبناء على هذه السمات تم ندبه لجهاز المخابرات الحربية وكان برتبة عقيد، وكان يفكر ويعمل في صمت، ويصر على النجاح والوصول للهدف وله عمليات كبيرة في المخابرات الحربية.
وعندما كان يدرس في أكاديمية ناصر كان نعم الباحث الحريص على العلم، وقد رأيت بعينى وأنا أستاذ في الأكاديمية حرصه على التعلم والإنصات للغير، «وأعتقد وأنا لا أنافقه والله أعلم بما أقول أن مصر تحت قيادته ستنافس أكبر الدول اقتصاديًا وعسكريًا».
■ ما رأيك في الدور الداعم للإرهاب التى تقوم به دولة قطر في المنطقة؟
– القوى الاستعمارية تقنع بعض الدول الضعيفة، بأنها أمينة على مصالحها، وعلى نظام حكمها، وهذا ما جعل قطر بعد حرب الخليج تعقد اتفاقيات تعاون ودفاع مشترك مع معظم الدول الكبرى.
قطر من البلاد الصغيرة التى تشعر بقلق على نظامها، ومن أجل ذلك يسعى حكامها للارتباط بقوى كبرى يعتقدون أنها قادرة أكثر من الأمة العربية على الحفاظ على أمنهم وحماية ملكهم أو نظام حكمهم.
والدول الاستعمارية تعتبر قطر نتيجة لإمكانياتها المالية محفظتهم أو بنكهم، وبالتالى يستخدمونها لمصالحهم، وكل ما نتمناه هو أن يعود حكام قطر إلى رشدهم، وأن تعود قطر إلى حضن أمتها العربية لتقوى بها، وأن يتقى حكام قطر الله في مصر وفى الشعب العربي.
Exit mobile version